Sunday 29 May 2011

نوافذ مغلقة

نظر حوله ملاين النوافذ والابواب . سرح بخياله قليلا ياترى كم حكاية خلف هذه النوافذ المضيئة . وكم قصة خلف الابواب الموصدة , وكم صرخة وفرحة ودمعة بين الجدران

سؤال دائما عالق بذهنه يتسلل الى خياله كل صباح وهو يركض ليمارس رياضته الصباحية . يستغرب نفسه كثير فهو يركض منذ ستة عشر عام . يستيقظ فى نفس التوقيت دون منبه سوى ذلك النداء الداخلى الذى يوقظه ليركض دائما يسال نفسه لماذا هو يركض دائما فى الصيف . فى الشتاء فى الخريف فى الربيع لم يتوقف يوما عن هذه العادة الصباحية .

فهو يهرب من نفسه من افكاره من الشجن الذى يسكنه دائما . من احلامه التى يبنيها ويهدها كل صباح

فى احدى الصباحات رسم وطن كالمدينة الفاضلة ولكن فجاءة دخل فى الاطار الخلفى للصورة المرتشين والانتهازين ولصوص المال العام وهم يصيحون اين نقيم نحن وانت ترسمها مدينة فاضلة ولم يجد سوى ان يركض ويركض حتى تقطعت انفاسه . وتسارعت ضربات قلبه وعلم انه هالك لا محالة اذا لم يتوقف اا

وشغل نفسه بالتفكير فى الابواب والنوافذ وتزكر نافذة صغيرة فى قلبه اقفل عليها سنوات وسنوات حتى انه لم يعد يستطيع فتحها خوفا من ان تعصف به وفجاءة اطلت ملامحها خرجت للنور حكاية كتلك التى خلف النوافذ .


صبية تمناها حلم بها عشقها سهر ليالى ورسم الحلم الجميل , كانت الاولى والاخيرة . ليس قبلها ولابعدها وارتجفت اطرافه مازال تاثيرها كما هو حتى فى الحلم تجعله يرتجف . تزكر الرعشة الاولى . اللقاء الاول . الهمسة الاولى تزكر الضفة والاشجار والقبلة الاولى دائما يحمل الزكرى ترحل معه اينما كان انها كالعنة الفراعنة تطارده تكسر النافذة وتخرج لتسكنه هل تملكته الصبية ام تملكه الحب ام هو حلم الحب الاول . لايدرى شئ سوى ان الصبية مقيمة فى حلمه تملكت كل احساسيه رغم العابرات فى حياته رغم الصبايا تطل هى وحدها يحلم بها وحدها يتمناها وحدها اعتاد وجودها فى حياته فهى تطل من حين الى اخر رغم انه يتاكد دائما كل مساء من انه اغلق نافذة الصبية جيدا ليحبسها بعيدا عنه لكن رغم كل شئ فهو يعلم جيدا انها لعنة الحب اولعنة الهية او لوثة سكنته منذ مراهقته الاولى , وجعلته يركض هرب من اقامتها فيه كوطن محتل . تلعثم قليلا وهو يطرد تللك الذكرى امسك زجاجة الماء بكلتا يديه ورفعها الى فمه شرب وجاس بنظراته فى تلك الابواب سرح بفكره فالحياة ليست سوى ابواب مغلقة تفتح احدهم لتجد باب اخر امامك ثم اخر وهكذا تظل ترحل من باب الى باب حتى تجد نفسك فى اخر الابواب احس بلزوجة العرق تتسلل داخله فجلس ليستعيد انفاسه تزاحمت الصور امامه ابريق جده ومصلاة قديمة وبيوت كالمغارة تدخل اول بيت وتظل من باب الى اخر هكذا هم اهل ذلك الوطن بيوتهم مشرعة الابواب للقادمين للغرباء زكرى البيوت والوطن جعلته يتزكر ذلك الحزب الذى اذدادت مقاعده فى البرلمان وهو ينادى ويرفع شعاره الوطن لابنائه فقط , لا للغرباء وتزكر ذلك الوطن الذى باعوه فى مزاد علنى بدا البيع ودقت اجراس المزاد وباعوه قطعة قطعة واحدة لميزانية الجهاد واخرى للخصخصة واخيرا باعوا ماتبقى من وطن كصفقة سلام تبا لهذا الوطن المتعفن . وعاد لفكرة الحزب الوطن للمواطنين وليس للغرباء . طوبى لاولئك الغرباء الراحلون الواقفون على ارصفة الموانئ . سيظلوا هكذ ا بلا وطن ولا مواطنة تمتم فى سره لعنة الله

على الحدود والوثائق


'والسياسة . ماشانى والوثائق والحزب فليفعلوا مايشاؤن ببلادهم وعلقت عيناه بذلك الضوء المتسلل من نافذة المنزل رقم ٢ فانتباته حالة من الغثيان ,

ياترى من الساكن الجديد واى حكاية بين جدرانه مازال يتزكر صديقه الابنوسى جابى الذى يقطن ذلك المنزل وتلك الصرخة التى شقت سكون الليل تدوى فى اذنه مازال منظر الدماء عالقا بذهنه كان جابى كثير الشجار مع زوجته الجميلة جيسكا وابنته سارا ذات الخمسة عشرا ربيعا فاجابى القادم من بلا د الشمس كان من اؤلئك الرجال الذى يمسكون بقبضتهم كل شئ ويتمسكون بتقاليدهم وعاداتهم ويعيشون على هامش الحياة فى منافيهم . عكس جيسكا وسارا فقد انصهروا سريعا فى المجتمع الجديد , مما جعل جابى يحس ان جيسكا تتمرد عليه وتخرج من سيطرته وخرج هو من دائرة اهتماماتها التى شملها التغير .

كان جابى يحلم ان يعيش كاولئك الذين يعيشون فى القارة السمراء فينجب درزينة من الاطفال ويكون هو الناهى الامر فخيبت جيسكا اماله عندما اكتفت بسارا وروبى الصغير ذو الخمسة اعوام اشتد الصراع داخل الاسرة الصغيرة وازدادت المشاكل ودائما نجد ان القانون هنا ليس مثله فى اى مكان اخر .هنا انت حر انت صاحب القرار فى هذه البلاد امام القانون يتساوى الرجال والنساء ودائما هنا النساء فى قمة الهرم ومن الاطفال ومن ثم حيوناتهم الاليفة فالرجال . وهنا لايمكن ان يتحمل الغرباء خاصة الرجال ان يجدوا انفسهم بلا سلطة ولا حول لهم ولاقوة فى تلك الليلة المشؤمة بدا الشجار ومن ثم الصراخ وفجاءة فقد جابى السيطرة على نفسه وركض حاملا سكينه فهربت زوجته وابنته من امامه فلم يجد سوى الصغير روبى نائما فانهال عليه طعنا نعم قتل صديقى صغيره روبى وارتمى منهارا يبكى ويئن ودخل السجن ورحلت جيسكا وسارا الى مكان اخر فالزكرى تولمهم هنا وجراحهم تتفتح فى كل صباح اذكر اننى التقيت جيسكا بعد عام فى احدى حانات المدينة وبرفقتها صديقها الجديد فاخبرتنى ان صديقى جابى انتحر داخل السجن . لم اصدق ان جابى قتل ابنه ومن ثم انتحر ولكننى تزكرت فنحن فى بلاد تجعلك تفعل كل شئ واى شئ ومن اجل لا شئ هنا تضيع من نفسك تزدحم الاشياء وتصدم مابين نشاءتك وواقعك وواقع الحياة المعاش اما ان تركض مع الاخرين او تقبع وحدك جسدا بلا روح . كرهت نفسى فى ذلك الصباح الذى التقيت فىه جيسكا لننى احسست بالتقصير فقد خزلت جابى لم اقدم له الدعم والمساندة لا فى ازمته ولا فى اى وقت مضى تجاورنا خمس سنوات لا يفصلنا سوى ذلك التراس الصغير ولكنى لم اهتم بازمات الرجل هنا حتى المواقف الانسانية ترتبط بحسابات العقل . هناك دائما خط فاصل يجب ان لا نتخطاه ونقحم انفسنا فى فى شؤون الاخرين االم اقل لكم دائما يتمزق الغرباء مابين سلوكهم الذى تربوا عليه ومابين الواقع الذى يفرض عليهم فى مهاجرهم .

ضحك فى سره هو ايضا ليس افضل حالا من غيره تزكر كيف صمم ان يرحل لم تجدى توسلات امه ولا صياح ابيه الذى يهابه الكل ولا دموع اخوته لا يعرف كيف وجد الشجاعة لمواجة الجميع بقراره ورحل ترك خلفه وطن سئم اوجاعه التى لا تنتهى سئم القيود وتجارة الدين وجموع الفاسدين والمرتشيئن كره رؤية الوجوه المحبطة دائما وجيوش العطالة . لم يكن يفكر فى شئ سوى ان يغادر فورا .

تنقل بين المدن والعواصم وصار متنقلا من ميناء الى مطار وكلما وصل الى محطة جهز حقيبته الى الرحيل داخله شئ ما يدفعه دائما الى التنقل تزكر جدته ومسبحتها الكبيرة عندما قال لها سوف ارحل حتى استطيع تامين مستقبلى فضحكت وقالت : امان ما لقيتوا وسط ناسك ما بتلقاه عمرك كله ,

وبدات كعاداتها تحكى القصة القديمة لفرس النهر الذى لم يقتنع فى بداية الخليقة على اخذ جلد يستر به نفسه ومن تطلعه وعدم رضاءه بالمقسوم ظل عاريا مختفيا فى النهر .

لااعرف من اين اتت جدتى بهذه الحكايا التى لم تمل تردديها ابدا . ولكن قد تكون جدتى محقة فقد صرت مثل فرس النهر دائم الاختفاء اتدرون لماذا لننى لا اجد نفسى

No comments:

Post a Comment

Powered By Blogger