Sunday 5 February 2012

البيوت اسرار الجزء السادس والسابع

عباءة القدر او الظروف تحمل فى طياتها الكثير من الاحداث المحزنة والمفرحة والتى لاتختلف تفاصيلها كثيرا عن سابقاتها
وعن واقع به من الاحداث مايطفح على سطح حياتنا
,, وان كنت لازالت اذكر جلال ,,
جلال اللا عب الحريف والوسيم الذى كان محط انظار فتيات الحى والاحياء المجاورة ,,, جلال الشقيق وتؤام الروح لمرام ,, ومرام رغم صغر سنها فقد كانت الام والشقيقة لاخويها جلال ,, وجمال الاكبر توفى والدهم فى انفجار لغم فى احد رحلاته التجارية وقامت الوالدة وجمال الذى ترك دراسته ليتحمل شأن الاسرة ويُدير امورها التجارية وااصول تجارتهم الموزعة حتى الحدود الارترية
وجمال كان يحمل شخصية والده لارحمة ,,,, لامجال للعواطف لامجال حتى لضحكة تشق سكون منزلهم وكان جلال عكس جمال تماما لمرحه المعهود وخفة دمه ولا يخفى على احد افكاره التقدمية التى تسبب السخط والاستنكار لمايقوله من المحيطين به

وقد كان فارق العمر بين مرام وجلال كبيرا جدا
وقد ظلت واالدتهم بت الحكيم تركض سنوات طويلة بعد ان انجبت جمال
وبدات فى اجهاض متكرر تدور بين الاؤلياء تبحث عن بركتهم
وبدأت رحلتها من ضريح سيدى الحسن الغرقان وهى تردد عبارتها المشهورة ( يلحقونى وينجدونى الغرقان والحفيان وصائم ديمة ) وتعقبها مرددة ( ياتاج السر فى حماك وفى ضراك )
بت الحكيم ,, حبوبتى بت الشريف ,, ام مصطفى ,,,, ,نساء الحى ,, جميعهم كان يدورون فى فلك النداء ماان يسقط شئ او يحدث امر جلل حتى ترتفع
الحناجر فى حماك وفى ضراك ياابو قبة لبنية ,,, يا الغرقان ,,, صائم ديمة ,,, تاج السر ,,, يلحقنى عبدالقادر الجيلانى ,,,, سيدى الحسن ابوجلابية وكانما لم يكفيهم هذا العدد من شيوخهم فخرجوا من اطار المحلية الضيقة وبدأ يرددون اسماء اخرى ,, سيدى رافع الراية ,,, وسيدى صائم الحولين ,,, وسيدى قائم الدهرين
ولم تترك بت الحكيم نداء او شيخ لم تركض نحوه حتى تستطيع الانجاب حتى تحقق المراد بجلال وبعد زمن اخر تبعتهُ مرام
ورغم ان مرام اصغرهم لكنها بدأت اعمال المنزل منذ طفولتها من كنس وطبخ وغسل وترتيب فكسبت محبة اخويها فهى رهن اشارتهم منذ دخولهم للمنزل تتعالى الصرخات ( مرام الغداء ,,, مرام الشاى ,,,,, مرام اكوى القمصان )
وهى تدور وتدور حول طلباتهم منذ عودتها من المدرسة الى آخر الليل فتحتضن حقيبتها المدرسية وتسرح خلف احلامها تتزكر تلك العيون المتسللة اليها فى حب لم يخلوا من شئ من النهم والاشتهاء لم تحسهم مرام وهى تبحث عن لمسة او نسمة لطيفة تجعل عالمها حالما
او بمعنى اصح تلك العيون والنظرات تاخذها بعيدا عن واقعها المذرئ تجعلها تنسى الالم المتكرر لعضلات يديها الصغيرتين وهى تحمل كومة الثياب المتسخة او تجعلها تنسى قليلا تلك اللسعات الحارقة مابين فخذيها وهى تعرضهم لشئ من الهواء مستترة بغطائها وظلمة الليل وهى تخفف الالم االناتج من تسلخهم وهى تمسح شئ من الفازلين فيختفى الالم قليلا ليعود صباحا اشد بعد عودتها من المدرسة وهى تظل تدور مابين نداء اخويها وقهوة امها واكل الاغنام والدجاجات الصغيرة وبين الحين والاخر تتكئ علي
ظهرها الصغير للحائط تستنشق شئ من الهواء النظيف وهى تخرج كل هواء رئتيها لتتذكر سالم ونظراته وتلك البدلة العسكرية ,,
وسامة سالم كانت مثار حديث الشلة نجوى وحُلم ومريم وماان يمرق سالم بسيارته الى جوارهم حتى يحتضن دفاترهم الصغيرة وكل منهم تتخيل نظرات سالم تعنيها وحدها دون غيرها ,,,
لكنها وحدها كانت تعلم ان سالم يخصها وحدها بمشاعره وحبه ورسائله ولقاتهم المشحونة بالخوف وهو يبثها اشواقه فى قبلة خاطفة ,,,
ادخلت يديها فى خوف وهى تتلفت حولها الى جيوب فستانها لتخرج رسالة سالم فردتها امامها وهى تتكئ ظهرها للارض بين الدجاجات وعيونها تلتهم الحروف ,,,
عزيزتى مرام
اترجاك وللمرة الالف ان تقابلينى اليوم
غدا سوف اغادر المدينة صباحا مع وحدتى الى جوبا
يجب ان تفهمى شئ واحد انك لى مهما حدث
ماان تضع الحرب اوزارها و
ما ان اعود من هذه المهمة وخلال شهر سنزف لبعضنا
,,اعلم انكى تعانين كثيرا وانت تتسللين لرؤيتى فى محاولة محفوفة المخاطر ولكننى اطمع فى عونك لى وهى اخر مرة ,,
بعدها سيجمعنا منزل واحد
فى انتظارك قرب النهر فى نفس الموعد
حبيبك سالم
انتشلت نفسها من الخوف وهى تطوى الرسالة وتفكر فى خطة محكمة للقاء سالم دون ان يشعر اخويها ودون ان تعترض امها ,,, لهذا يجب ان تجد اى وسيلة للقاء مريم ابنة عمها وحدها من تستطيع مساعدتها وهى عندما تكون فى منزل عمها لا يعترض اخواها وامها اليوم الخميس ستترجى امها ان تسمح لها ان تنام مع مريم ومن هناك تستطيع التسلل للقاء سالم كعادتها لن يشعر احد ,, ففى منزل عمها الكبير مايقارب التسعة بيوت جميعها متصلة مع بعضها بممرات صغيرة ,,, ستخبرهم انها عند هبة زوجة ابن عمها ربيع هبة تساعدها دائما وهى الوحيدة التى تعلم حبها وعلاقتها بسالم ,,
مايشغلها الان ويحزنها هذه الحرب اللعينة متى ستنتهى ,,,, متى تنام وهى مطمئنة على سالم خوفها عليه يمزقها صباح مساء ,,,
فى اخر لقاء ترجته ان يترك القوات المسلحة لن تستطيع ان تقضى عمرها وهى تخاف عليه لكنه مازحها ضاحكا وهو ياخذها فى احضانه ( اذا طلبت كل حبيبة وزوجة واخت منا ان نترك القوات المسلحة فلن تبقى لنا ارض اوعرض , .. ارمى حملك
على الله ياحبيبة فهو معنا فى كل حين)
صمتت وهى تردد ونعم بالله
وتنفض الغبار العالق بفستانها وهى تردد مرة اخرى كماوالدتها ( ياالشيخ عبدالقادر الجيلانى ترد لى سالم من بطن الحوت وجبنتك على اول اربعاء يرجع لى سالم ,,,,, ياالاولياء االصالحين وياالشيوخ الغائبين سالم ود فطين وود حاج عبدالرحيم تغطوه وتحموه وتسندوه ,,,, ياتاج السر هوووووى سالم فى حماك وفى ضراك )
ومسحت دموعها المتساقطة وصوت امها يردد ( يامرام يامرام ماتجى يابتى تلايقى ويكتك اخوانك قربوا يجوا للغداء )
كانت مرام تترجى والدتها فى ان تسمح لها فى قضاء الليل بمنزل عمها
واوفقت بت الحكيم على مضض واشترطت على مرام ان يوصلها جلال المغرب الى منزل عمها بعد ان تغلى اللبن
لم تكن مرام تعلم ان القدر يترصدها وان ايامها صارت معدودة لو علمت لماارهقت نفسها بلقاء سالم ولما اجتهدت كثيرا لامر لقائهم لكنه اولا واخير القدر وقد تاكدت تماما من تلك المقولة التى ترددها حبوبتى بت الشريف ( القدر يعمى البصر )
وهاهى مرام تركض عمياء لترمى بنفسها بين يدى سالم ,,
سالم كان صادقا فى حبه لمرام بل انه يعشقها تماما وينتظر بفارغ الصبر ان تسمح ظروفه لخطبتها
وهاهو اليوم سيودعها على وعده لها بعد عودته من جوبا ستكون مرام زوجته على سنة الله ورسوله عند هذا الحد
تمدد سالم تحت النيمة الكبيرة ليغفو قليلا حتى موعد الغداء وصورة مرام امامه فيشبك يديه بقوة وهو يتخيل نفسه محتضنها وهو يستسلم للنوم ......

4 comments:

  1. mohi abdelsattar7 February 2012 at 03:31

    كلنا يحمل بين طياته ملكة التعبير وهى الحياة ولكن بعضنا فقط هو من يملك وسيلة التعبير عنها وهو الفن نموذج مرام قيمى وانسانى وسودانى اذا رفع عنه القهر الاجتماعى

    ReplyDelete
  2. مرحب محى عبدالستار
    القهر الاجتماعى ,, الظلم الاجتماعى ,,,, هى من صميم واقعنا الذى نغض الطرف عنه ,, سعيدة بشرف مرورك .

    ReplyDelete
  3. محى الدين عبد الستار12 February 2012 at 01:42

    المراة فى حركة سيرها فى الحياة ماشة للتخلص من الظلم والقهر وده موضوع حتمى لحتمية التطور ولو رجعنا لفكرة واد المراة فى القرن السابع الميلادى وقارنا هذا النموذج بما تساهم به المراة اليوم فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعيةلتيقنا بان موعود قيادة المراة للحياة الانسانية قادم لا محالة ولايغرنك تسلط الرجل فالحياة بدات بنزول حواء قبل ادم للارض من حيث ترتيب النزول وستنتهى بوراثتها لهذه الارض وربنا قال ونريد ان نمن على الذين استضعفوا فى الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين واكبر من استضعف فى الارض المراة شكرا لتعليقك مع تحياتى

    ReplyDelete
  4. اخى محى ,, كما بدأ الكون بحواء على الارض سينتهى بحواء وهى ترث الارض
    سعيدة بالحوار معك وبك .

    ReplyDelete

Powered By Blogger