Sunday 29 January 2012

البيوت اسرار الجزء الخامس والسادس

فاقت حٌلم من تلك الاغماءة بسلام ,,, و وجدتنى جوارها فى عيادة المدرسة التى كانت بلا طبيب او ممرضة ,,,, العيادة مجرد سرير وغطاء ,,,حاولت مساعدتها فى النهوض لكنها رفضت ,,, ازاحت الغطاء فى صمت ,,,, ثم سالتنى ماذا حدث ,,, ماالذى اصابنى ,,,, احترت بماذا اجيبها وانا نفسى لاادرى ,,, وان كان ينتابنى شئ من الشك ان حٌلم لاشك مصابة بالصرع ,,,,,
سالت حٌلم كيف تشعرين ؟
ردت بخير ; ولكنها شاحبة ومتعبة بعض الشئ
هل نذهب لمنزلكم لتستريحى ؟ ابلة سامية طلبت منى مرافقتك للمنزل ان كنت تٌريدين ؟
,,,لا شكرا لم اخبر احد اننى مريضة ,,
يالهى اى اسرة هذه التى لايدرى افرادها ,,, ان احدهم مريض ,,,,,,,
ورددتٌ قائلة : ولكنهم حتما سيعلمون , لقد سقطتى فى باحة المدرسة ,,,,,
اجابتنى بلا مبالاة لايهمنى احدهم ,,فليعلموا لم اعد اهتم اتفهمين ,
لايهمنى احدهم وانخرطت فى بكاء عميق متصل
احترت كيف اتصرف ,,,, وماذا افعل ,, اذا ظلت حٌلم هكذا فلا شك انها ستنهار او ستسقط فريسة نوبة اخرى من نوبات الاغماء ,,

دخلت فرحة ونجوى ,, وحُلم مازالت تبكى ,, ازاحتنى نجوى الى طرف السرير وهى تاخذ حٌلم فى احضانها وتمسح على راسها بحنان ,, تلاقت عيوننا انا وفرحة فى دهشة وحيرة ,,,
فنجوى تسلب حُلم كل شئ تغرقها بتصرفاتها فى ضعف انسانى ذو ابعاد حادة , يظهر جلياً فى ضعف شخصية حٌلم وانصهارها التام فى نجوى ,,,
تسللت نحو الخارج وفرحة تتبعنى ,.اخبرتها مادار بينى وحلم وانا اطلب منها ان ترافقنى الى الوحدة الصحية لمقابلة دكتور ازهرى فهو الوحيد الذى بامكانه مساعدة حٌلم
لكنها رفضت صارخة ( شكلك جنيتى الناس تقول علينا شنو ,,,, المودينا هناك شنو ,,,,, مافى سبب واحد يخلينا نمشى ,, وحانقول ليه شنو ,,, سورى انا مامعاك فى كدا ,,,, بعدين حُلم عندها اهل صحيح هم ماواعين بس دا مامشكلتهم براهم نص الاسر فى مدينتنا ماعارفة تعامل بناتها المراهقات كيف ,,,, اغلبية البنات غارقانين فى مشاكل لا فى زول يسمعم ولا زول يفهمم ماملاحظة انه غالبية البنات محتاجين حنان امهاتم واسرهم ,,,,, بس نمشى الوحدة الصحية لا )
استسلمت لفرحة وانا افكر فى حقيقة واحدة ان امهاتنا ينقصهم الكثير من الوعى للتعامل مع بناتهن ,,, البنات يرزحن تحت ضغط واقع مؤلم مابين الغسيل والمكوة والنظافة تنتهى براءة السنين الحلوة وهن جالسات فوق كومة من الثياب , يدعكنها ويفركن الم واقعهن بين اصابعهنا ويهربن من قسوة الواقع الى كلمة حلوة تطرق اسمعهنا ,,,,,,, زهرة رفضت حسن من اجل ازهرى وماتت من اجل ان تظل الى جوار ذلك الذى ذرع الحلم فى داخلها وحٌلم تتعذب وتجاهد بكل شئ من اجل اسامة لانها وجدت لديه ماحرمت منه داخل اسرتها
سيظل كل شئ كماهو لن يتغير شئ من واقع الفتيات اذا لم تتغير الاسر وتغير فهمها وطريقة تعاملها ...
ولكن من يسمع ؟ ومن يفكر ؟

خرجت حٌلم بصحبة نجوى ,, وركضتٌ وفرحة لنلحق بص المدرسة ,,
مريم تاخرت قليلا وهى تتحدث الى شريف ,, الواقف خلف عمود الانارة فى الطريق المؤدى الى المدرسة ,
ما ان ركبت البص حتى تخاطفت الفتيات خطاب شريف حتى كدنا يسقطنها فى ارضية البص وهى تحاول انتزاعه من بين ايديهم ,,,
اسامة كان واقفا فى نهاية الطريق ماان راتهٌ حٌلم حتى ادارت وجهها للناحية الاخرى وهى تقضٌم اظافرها فى قلق ظاهر,
نجوى كانت تجلس وهى تضع رجلا فوق الاخرى ملامحها تقاطيعها لاتتناسب وفتاة فى الصف الاول ثانوى من يراها للوهلة الاولى يظن انها صبى ,, حتى نبرة صوتها بها من الخشونة ما يجعلك تحس انها صبىا اذا لم تراها وجه لوجه,,
الفتيات يتحأشين ان يجمعهم بها مكان واحد ,,, فهى صديقة لكل شباب حى المصنع ,,,,,,, وهى ايضا تفقد ذلك الحياء الذى يميز فتيات الحى لاتستحى من ان تركل الكرة اذا عبرت من جوارها لتعيدها للشباب ولا ان تقف فى اى زمان اومكان لتتبادل حوارا ما وتجلجل ضحكتها االخشنة لتشق جنبات الحى ,,,,,,
رباب عانت كثيرا وهى تمنع حٌلم من صداقة نجوى ,,,, ولكن لا حياة لمن تنادى ,,,,
فحٌلم كانت أضعف من ان تقطع علاقتها بنجوى ونجوى هى حلقة الوصل باسامة ,,,
اخيرا لم تجد رباب سوى الصمت ,,, رغم ان ام مصطفى خالة رباب ,, قد قامت بطرد نجوى اكثر من مرة ولكن تهديد حٌلم الدائم بانها ستنهى حياتها جعل رباب تتراجع اكثر من مرة عن موقفها بل انها دافعت عن نجوى امام ام مصطفى وترجت خالتها ان تعامل نجوى بصورة جيدة من اجل حٌلم ,,,,,,,,,,
لكن ماحدث قبل نهاية العام الدراسى ,,,,, جعل نهاية لم يتوقعها الجميع لعلاقة نجوى وحٌلم .

تبقى على حولية جدى مصطفى ايام قلائل جدتى بت الشريف تواصل الليل بالنهار تعاونها ام مصطفى التى كانت رغم سلاطة لسانها طيبة ونشيطة ,,, ولم تكن تتاخر عن رفيقاتها فى المناسبات ,,, دخلت رباب وهى تحمل هموم الدنيا كانت تبحث عن سانحة لتنفرد بجدتى بت الشريف ,,, وما ان سنحت لها الفرصة حتى بدات تشتكى لجدتى ,,, من عبدالباقى
قائلة : ( ات عارفة ياحبوبتى بت الشريف معزتك زى امى الله يرحمها ) وسقطت الدموع اعقبتها تنهيدة حارة مما جعل حبوبتى بت الشريف تترك مهمة اخراج الاوانى الكبيرة من المخزن وتلتفت ناحية رباب ( كدى ادينى كرسى المخروقة قائمة على يابتى )
واحضرت رباب الكرسى وهى لاتعرف كيف تخبر بت الشريف بماساتها فهى منذ زواج عبدالباقى وهى صامتة تاكلها نيران الحسرة والحرمان ,,, الحسرة فى شريك جعلته كل امانيها واحلامها ,,, لم تتاخر عن طلباته كانت تحرم نفسها وابنتها من كل شئ من اجل سعادته لم تترد فى الوقوف الى جانبه ودعمه لكنه باعها من اجل اخرى ,,,وحرمها ,من حقها عند هذه النقطة
, ترددت رباب وقررت ان تتراجع وتصمت فهاهى قد تحملت وصبرت خمسة سنوات منذ زواجه من رقية ,,,,رقية ابنة خالته اليتيمة التى لم تتجاوز السبعة عشرا ربيعا ,,,, ممتلئة الارداف ,,,, واسعة العيون ,,, حنطية اللون منذ قدمت رقية من البلد لتقيم معهم وهى تتوقع هذه اللحظة ,,,,, فكم مرة ضبطت عبدالباقى وهو يلتهم رقية بعيونه ,,, وكم مرة شاهدته يمسح على شواربه الكثة اذا مرت رقية من جانبه ,,, لم تنطلى عليها حيلته وهو يغطى وجهه بالجريدة بعد عودته من المصنع ويتسلل بعيونه ناحية رقية وهى تحمل صينية شاى الغداء وتتفدع يمنة ويسرة فى غنج ودلال ,,,,,,,,,,, منذ قدوم رقية لم يعد يطلبها ,,, فما ان يعود من ورق الكتشينة فى نادى الموظفين حتى يتسلل الى والدته فى نصف الحوش وتسلل الى اذانيها قهقهاته بمناسبة او دون مناسبة ,,, فى احدى الامسيات ضبطته وهو يرتدى القميص الكاروهات ويصب نصف زجاجة الكلونيا لم تشاء ان تحرجه بالسؤال لكنه ارتبك وتلعثم وهو يبرر لها انه يريد ان ياخذ الحجة الى المستشفى ,,
وسرعان ماجلجت ضحكاته ,,,, ونسى نفسه وظل الى منتصف الليل ساهرا عند والدته وهى تتقلب فى فراشها تحرقها الحسرة والغيرة وعندما واجهته انتهرها بشدة وهو يبرر ان والدته رفضت الذهاب الى الطبيب فسهر الى جوارها ,,,, ليلتها تاكدت انها خرجت من حياته الى الابد ,,,,,,,
صوت بت الشريف جعل رباب تخرج من تلك الذكريات ,,,( معليش ياحبوبة اصلى اصلى )
وردت بت الشريف ( اصلك شنو يابتى ,, عبدالباقى مقصر معاك ؟ ) (لا ياحبوبة اصلوا الحكاية )
وقالت بت الشريف (يارباب يابتى ماتقولى حبوبتك عجوزة مابتفهم ,,, انتى ماتزعلى روحك انا بخلى جدك مصطفى ,,, يجيب راسه ,, عبدالباقى الغبيان اكان مابعرف الشرع جدك مصطفى بوريه ,,,, ادينى ايدك النقوم يابتى ,, احى يامخروقتى ,, ياتاج السر تنجدنى وتلحقنى )
احست رباب بشئ من الارتياح وهى تقاسم ماساتها مع حبوبتها بت الشريف مسحت دموعها وهى تتسلل من المخزن حاملة ا لاوانى الكبيرة واتجهت صوب الراكوبة الكبيرة ,,,,,,,
فى المدرسة جلست حلم وهى سارحة تضع القلم فى فمها ,, تقلب نظراتها فى فراغ كبير ,,, نجوى كعادتها ,, بدات فى طرح اسئلتها المحرجة لشيخ النور استاذ التربية الاسلامية وهو يتصبب عرقاً ,,وضحكات مكتومة تتسلل من بنات الصف ,, ارتبك شيخ النور من جراءة نجوى التى كان قد اعتادها ,,,,واعتادت هى بعد كل حصة تربية اسلامية العقاب اوالطرد ولكن اليوم على غير العادة فقد كان الدرس عن النكاح ,,,,, وبدأت نجوى فى طرح اسئلتها المحرجة وهى تضحك وتثرثر واستاذ النور يتصبب عرقاً ويمسح بمنديله الابيض على جبنيه المتصبب عرقا الذى ماان تراه نجوى حتى تعلق ساخرة ( لو سمحت يااستاذ التطريز الفي المنديل الاشتغلوا ليك منو ) فتبدأ الضحكات المكتومة ويرتعد استاذ النورغضبا وهو يتمتم ( اطلعى برة الفصل بت قليلة ادب ,,, مامتربية ,,, بجيبوكم من وين انا ماعارف ) فترد ضاحكة وهى تغمز لحٌلم ان تلحق بها , سؤالك غريب يااستاذ ( اكيد بيجيبونا من النكاح ) فيحاول ان يلحقها بالبسطونة الطويلة فتركض هاربة وسط ضحكات البنات .

نجوى هى نجوى لم ولن تتغير نجوى الولد او محمد ولد كما يتاهمسون سراً ,,,,
كل شئ فيها بعيدا عن الانوثة ضحكتها ,,,,, مشيتها ,,,,,,,,,
وذلك الشعر الذى انتشر بغزارة فى انحاء متفرقة من جسدها ,,,, كل شئ ينيئ ان نجوى تعانى خلل ما ,,,,
كثيرا ماكانت تلتقى نظراتنا فى موقف ما ولكننا كنا نصمت ونٌمعن فى الصمت ,,
هكذا هو عالمنا لا نملك حياله سوى الصمت ,,, الى ان اتى اليوم الذى كسر الصمت ,,,
احداث هذا اليوم لاادرى ان كانت حقيقة او هى محض خيال ,,,, او مجرد شائعات ,,
شائعات كالشرر تبدأ صغيرة ,,, وتكبر ,,,,تنتشر حتى تصير حريقاً ياكٌل الاخضر واليابس ,,, هو ماحدث فى هذا اليوم وماجعله اخر يوم دراسى فى حياة نجوى
واخر يوم شٌهدت فيه حٌلم فى حى المصنع ,,, سنوات,,,,, وسنوات وحٌلم مفقودة مرت حياتها كاسمها تماماً حٌلم ولكن حُلم تحول لكابوس قضى على صاحبتهِ الى الابد .......

فى ليلة الحولية امتلأ الشارع عن بكرة ابيه
تجمع اهل الحى رجالا ونساء واطفال
هذه هى الليلة الوحيدة التى ترفع الامهات فيها نوبات الحراسة المشددة على الفتيات ,,, فتتلامس ايدى المحبين فى خوف ورهبة مستغلين فرصة تناول الشباب لاوانى الارز واللحم او كما يحلوا لام مصطفى ان تسميها الفتة وهى تصرخ منتهرة اولاد حسب الرسول وشباب المصنع
بصرخة : هوى ياوليدات الفتة بردت الحقوا الحيران ,,,, فى تلك الليلة كان موسم عرض الطرق الصوفية مهرجان من الالوان المزركشة مابين الجلابيب الواسعة المبرقعة بالوان متعددة وزاهية وبين الاخضر الذى يرتديه القادرية ,,, ومدد ياشيخنا مدد وكتل الجمر الحمراء التى يسحقها البرهانية بارجهلهم العارية عندما يتوهون فى ملكوت الخالق
الجميع يتمايلون تنتفض الاجساد ,,يدورون حول انفسهم فى حلقات
حلقات من الثياب التى تتسع وتنتفخ وتدور بفعل الهواء ويدورُ اصحابها حول انفسهم ,,, تتشنج الاجساد علوا وهبوطا وتتمايل فى مناجاة وطرب حميم
امتدت الحولية الى الساعات الاولى ليرحل الجميع قبل صلاة الفجر
وبقيت الفتيات والنساء يتحلقن مابين الشاى بالحليب وقطع الزلابية المحلاة بالسكر الناعم
وهم يُعيدون كل غرض لمكانه ويرتبون المنزل
في هذه الليلة احساسنا انا وفرحة ان زهرة لم تغادرنا ان روحها تلحق بيننا ,, مما جعلنا اسرى الحزن والذكرى ,,,,
ان تختلف مع احدهم فى تفاصيل الاشياء لايعنى انك لاتحبه ولا يعنى انك لن تُحسُ بفقدهِ,,,,,, ولا يعنى انك تحمل كرها لاحدهم ,,,
تلك الحياة قاسية جدا فهى تُفرق من تشاء وتجمع من تشاء
كانما كُتبت الاحزان على فتيات حى الناصر
زهرة غادرتنا دون وداع وتركت جُرحا غائر سنظلُ نحمله طالما اننا على قيد الحياة ,,, وكانما الاحزان كانت على عهدٍ بان لاتفارقنا

و الحزن تربع داخل الحى ورفض ان يغادرنا
,,, العيد الكبير على الابواب والجميع يجهزون انفسهم للاحتفالات بالعيد وبعودة سمؤال
وفرحة تحلق كالفراشة تُطير فرحا وخوفا كلما اقترب العد التنازلى لعودة سمؤال
ولكن الاقدار تُفاجئنا دائما بما تُخفيهِ داخل عباءتها الكبيرة عباءة الغيب .

No comments:

Post a Comment

Powered By Blogger